فصل: تفسير الآيات (39- 40):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (37- 38):

{وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37) إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (38)}
أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وهم يصطرخون فيها} قال: يستغيثون فيها.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر} قال: ستين سنة.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي في سننه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان يوم القيامة قيل: أين أبناء الستين؟ وهو العمر الذي قال الله: {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر}».
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري والنسائي والبزار وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعذر الله إلى امرئ أخر عمره حتى بلغ ستين سنة».
وأخرج عبد بن حميد والطبراني والروياني في الأمثال والحاكم وابن مردويه عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا بلغ العبد ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر».
وأخرج ابن جرير عن علي رضي الله عنه في الآية قال: العمر الذي عمرهم الله به. ستون سنة.
وأخرج الرامهرمزي في الأمثال عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من عمره الله ستين سنة أعذر إليه في العمر. يريد {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر}».
وأخرج الترمذي وابن المنذر والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك».
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال: العمر ستون سنة.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر} قال: هو ست وأربعون سنة.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر} قال: أربعين سنة.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال: اعلموا أن طول العمر حجة، فنعوذ بالله أن نعيَّر بطول العمر. قال: نزلت وإن فيهم لابن ثمانِ عشرة سنة. وفي قوله: {وجاءكم النذير} قال: احتج عليهم بالعمر والرسل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله: {وجاءكم النذير} قال: محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {وجاءكم النذير} قال: محمد صلى الله عليه وسلم، وقرأ {هذا نذير من النذر الأولى} [ النجم: 56].
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {وجاءكم النذير} قال: الشيب.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما {وجاءكم النذير} قال: الشيب.

.تفسير الآيات (39- 40):

{هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا (39) قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا (40)}
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {هو الذي جعلكم خلائف في الأرض} قال: أمة بعد أمة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {هو الذي جعلكم خلائف في الأرض} قال: أمة بعد أمة، وقرناً بعد قرن. وفي قوله: {أروني ماذا خلقوا من الأرض} قال: لا شيء والله خلقوا منها. وفي قوله: {أم لهم شرك في السماوات} قال: لا والله ما لهم فيهما من شرك {أم آتيناهم كتاباً فهم على بينة منه} يقول: أم آتيناهم كتاباً فهو يأمرهم أن لا يشركوا بي.

.تفسير الآية رقم (41):

{إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41)}
أخرج أبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم والدارقطني في الافراد وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات والخطيب في تاريخه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «وقع في نفس موسى عليه السلام هل ينام الله عز وجل؟ فأرسل الله ملكاً إليه، فارقه ثلاثاً، وأعطاه قارورتين، في كل يد قارورة، وأمره أن يتحفظ بهما، فجعل ينام وتكاد يداه يلتقيان، ثم يستيقظ فيحبس احداهما عن الأخرى حتى نام نومة، فاصطقت يداه وانكسرت القارورتان قال: ضرب الله له مثلاً أن الله تبارك وتعالى لو كان ينام، ما كان يمسك السماء ولا الأرض».
وأخرج ابن أبي حاتم عن خرشة بن الحر رضي الله عنه قال: حدثني عبد الله بن سلام أن موسى عليه السلام قال: يا جبريل هل ينام ربك؟ فقال جبريل: يا رب ان عبدك موسى يسألك هل تنام؟ فقال الله: «يا جبريل قل له فليأخذ بيده قارورتين، وليقم على الجبل من أول الليل حتى يصبح، فقام على الجبل وأخذ قارورتين فصبر، فلما كان آخر الليل غلبته عيناه، فسقطتا فانكسرتا فقال: يا جبريل انكسرت القارورتان فقال الله: يا جبريل قل لعبدي إني لو نمت لزالت السموات والأرض».
وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق عن عكرمة قال: أسر موسى عليه السلام إلى الملائكة هل ينام رب العزة؟ قال: فسهر موسى أربعة أيام ولياليهن، ثم قام على المنبر يخطب، ورفع إليه قارورتين في كل يد قارورة، وأرسل الله عليه النعاس، وهو يخطب إذ أدنى يده من الأخرى، وهو يضرب القارورة على الأخرى، ففزع ورد يده ثم خطب، ثم أدنى يده، فضرب بها على الأخرى، ففزع ثم قال: {لا إله إلا الله الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم} [ البقرة: 255] قال عكرمة: السنة التي يضرب برأسه وهو جالس والنوم الذي يرقد.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة والبيهقي عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه رضي الله عنه، أن موسى عليه السلام قال له قومه: أينام ربك؟ قال: «اتقوا الله إن كنتم مؤمنين» فأوحى الله إلى موسى: ان خذ قارورتين، فاملأهما ماء. ففعل، فنعس، فنام، فسقطتا من يده، فانكسرتا، فأوحى الله إلى موسى اني: أمسك السموات والأرض أَنْ تزولا ولو نِمْتُ لزالتا قال البيهقي رضي الله عنه: هذا أشبه أن يكون هو المحفوظ.
وأخرج الطبراني في كتاب السنة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أن بني إسرائيل قالوا لموسى عليه السلام: هل ينام ربنا؟ إلخ.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إذا أتيت سلطاناً مهيباً تخاف أن يسطو عليك فقل: الله أكبر، الله أعز من خلقه جميعاً، الله أعز مما أخاف وأحذر، أعوذ بالله الذي لا إله إلا هو، الممسك السموات السبع أن يقعن على الأرض إلا بإذنه، من شر عبدك فلان، وجنوده، وأتباعه، وأشياعه من الجن والإِنس.
اللهم كن لي جاراً من شرهم. جل ثناؤك، وعز جارك، وتبارك اسمك، ولا إله غيرك، ثلاث مرات.
وأخرج ابن السني في عمل يوم وليلة عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن العبد إذا دخل بيته، وأوى إلى فراشه، ابتدره ملكه وشيطانه. يقول شيطانه: اختم بشر. ويقول الملك: اختم بخير. فإن ذكر الله وحده طرد الملك الشيطان، وظل يكلؤه، وإن هو انتبه من منامه، ابتدره ملكه وشيطانه. يقول له الشيطان: افتح بشر. ويقول الملك: افتح بخير. فإن هو قال الحمد لله الذي رد إليَّ نفسي بعد موتها، ولم يمتها في منامها. الحمد لله الذي {يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليماً غفوراً} وقال الحمد لله الذي {يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرؤوف رحيم} [ الحج: 56] قال: فإن خرج من فراشه فمات كان شهيداً، وإن قام يصلي صلّى».
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق أبي مالك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الأرض على حوت، والسلسلة على أذن الحوت في يد الله تعالى، فذلك قوله: {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا} قال: من مكانهما.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة أن كعباً كان يقول: إن السماء تدور على نصب مثل نصب الرحا. فقال حذيفة بن اليمان: كذب كعب {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا}.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن شقيق قال: قيل لابن مسعود إن كعباً يقول: إن السماء تدور في قطبة مثل قطبة الرحا، في عمود على منكب ملك فقال: كذب كعب {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا} وكفى بها زوالاً أن تدور.

.تفسير الآيات (42- 45):

{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (42) اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44) وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45)}
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي هلال أنه بلغه أن قريشاً كانت تقول: إن الله بعث منا نبياً ما كانت أمة من الأمم أطوع لخالقها، ولا أسمع لنبيها، ولا أشد تمسكاً بكتابها منا. فأنزل الله: {لو أن عندنا ذكراً من الأولين} [ الصافات: 168] {ولو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم} [ الأنعام: 157] {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم} وكانت اليهود تستفتح به على الأنصار فيقولون: إنا نجد نبياً يخرج.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {فلما جاءهم نذير} قال: هو محمد صلى الله عليه وسلم {ما زادهم إلا نفوراً، استكباراً في الأرض ومكر السيء} وهو الشرك {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} أي الشرك {فهل ينظرون إلا سنة الأولين} قال: عقوبة الأولين.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم} قال: قريش {ليكونن أهدى من إحدى الأمم} قال: أهل الكتاب. وفي قوله تعالى {ومكر السيء} قال: الشرك.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال: ثلاث من فعلهن لم ينج حتى ينزل به: من مكر، أو بغي، أو نكث. ثم قرأ {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} {يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم} [ يونس: 23]، {فمن نكث فإنما ينكث على نفسه} [ الفتح: 10].
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سفيان عن أبي زكريا الكوفي عن رجل حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والمكر السيء فإنه {لا يحيق المكر السيء إلا بأهله} ولهم من الله طالب».
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {فهل ينظرون إلا سنة الأولين} قال: هل ينظرون إلا أن يصيبهم من العذاب مثل ما أصاب الأولين من العذاب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {وما كان الله ليعجزه} قال: لن يفوته. قوله تعالى {ولو يؤاخذ الله الناس}.
وأخرج الفريابي وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال: ان كان الجعل ليعذب في جحره من ذنب ابن آدم، ثم قرأ {ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة} والله أعلم.